تسوريفت.. تعاونية تراهن على إدماج اقتصادي للقرويات في صناعة المجوهرات

باتت العشرات من التعاونيات المهتمة بالصناعة التقليدية في إقليم تنغير عنصرا مهما في إدماج المرأة في النسيج الاقتصادي، خاصة المرأة القاطنة في العالم القروي.

وبفضل هذه التعاونيات التي تأسست خلال السنوات الأخيرة، أضحت شريحة مهمة من النساء القرويات يتوفرن على فرص عمل بالقرب من بيوت الزوجية ويتمتعن بدخل مالي قار؛ وهو ما يساعدهن توفير حاجياتهن وحاجيات باقي أفراد أسرهن، وفق إفادة العديد من النسوة العاملات داخل بعض التعاونيات بإقليم تنغير.

وللحديث عن هذا الموضوع، قامت جريدة هسبريس الإلكترونية بزيارة قصبة إميضر “مركز التكوين الحرفي في مجال الصناعة التقليدية”، الذي تستغله تعاونية تسوريفت لصياغة المجوهرات والحلي الفضية، والتي تشتغل داخلها مجموعة من النسوة من الجماعة الترابية إميضر (جماعة تحتضن أكبر منجم للفضة).

من قصبة مهجورة إلى مركز للتكوين

بالقرب من مقر الجماعة الترابية لإميضر، توجد قصبة كبيرة وعالية شيدت منذ سنة 1948 في فترة الاستعمار الفرنسي بطريقة جماعية تحت مسؤولية “Capitain Dimons “، حسب بعض الوثائق الموجودة بداخلها. وبعد سنوات أي في الفترة ما بين 1962 و1982، تم استغلال الجناح الأول للقصبة للمستوصف الصحي. وفي الفترة ما بين 1963 و1970، جرى استغلال الجناح الثاني للتدريس.

كما تشير الوثائق نفسها إلى أن القصبة استغلت، في الفترة ما بين 1978 و1980، كمقر للجماعة إلى حين بناء المقر الجديد لهذه الأخيرة. وفي الفترة ما بين 1981 و2004، تمت إعادة استغلال القصبة كمقر لوكالة بريد المغرب. ومن 2004 إلى سنة 2012، ظلت القصبة مهجورة وآيلة للسقوط؛ وهو ما كان يشكل خطرا على المارة، وخصوصا تلاميذ المدرسة المحاذية لها.

وبعد مراسلة الجماعة لإدارة منجم إميضر وعمالة إقليم تنغير، تم إعداد دراسة مشروع إعادة تأهيل القصبة بتنسيق بين شركة معادن إميضر والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية واستغلالها كمركز للتكوين الحرفي في مجال الصناعة التقليدية، خاصة ما هو مرتبط بالفضة.

تسوريفت

تعتبر “تسوريفت” أو “الخطورة” بالأمازيغية واحدا من بين التنظيمات التعاونية النشطة بإقليم تنغير، والتي اختارت التميز عن مثيلاتها بالعمل في مجال صناعة المجوهرات والحلي الفضية، بفضل التجربة التي راكمتها المتعاونات فيها لسنين، وفق إفادة عزيزة موجان، رئيسة التعاونية ذاتها.

وأوضحت عزيزة موجان، في تصريح لهسبريس، أن النسيج التعاوني بالإقليم يعيش خلال الآونة الأخيرة على وقع دينامية ملحوظة أسفرت عن ميلاد العديد من التعاونيات النسوية الفاعلة في مجالات وقطاعات اقتصادية متنوعة، متحدية بذلك جملة من الإكراهات المختلفة.

وأشارت المسؤولة عن تعاونية تسوريفت إلى أن تأسيس هذه التعاونية كان بهدف تنظيم عملهن في قطاع الصناعة التقليدية للمجوهرات والحلي وتسويقها، حفاظا على هذا الموروث الثقافي، إلى جانب الانخراط في الاقتصاد الاجتماعي التضامني لما أضحى يتسم به في إقليم تنغير من قوة وتنظيم على جميع الأصعدة، وبالتالي كسب دخل مادي للمتعاونات يحسن من ظروفهن المعيشية.

في المقابل، أكدت نعيمة، التي تشتغل داخل التعاونية سالفة الذكر، أن التعاونية فتحت للعديد من النساء والفتيات آفاقا واعدة في وجوههن، إيمانا منها بالدور الأساسي التي تلعبه المرأة القروية في التنمية المستدامة، مضيفة أن رئاسة التعاونية وإدارة مركز التكوين تعملان لتحقيق مداخيل مستدامة لصالح المستفيدات وتشجيع المنتجات المحلية للمناطق المستهدفة.

وأفادت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، بأن التعاونية وضعت استراتيجية تعتمد على سياسة القرب وترتكز على مقاربة مندمجة، علاوة على اشتغالها على ضمان الولوج إلى الخدمات الاجتماعية وتقوية مهارات النساء تساعدهن على بلوغ التمكين الاقتصادي وترافقهن في خلق مشاريع مدرة للدخل.

صناعة الحلي والمجوهرات

داخل قصبة إميضر، تعتكف العديد من النساء في صياغة الفضة وصناعة المجوهرات وإبداع في الحلي، ويتم استلهام تصميم الحلي والمجوهرات من رموز كثيرة تزخر بها الثقافة المحلية المغربية بصفة عامة والأمازيغية على وجه الخصوص.

حكيمة، واحدة من العاملات في تعاونية تسوريفت، قالت إن لكل جوهرة حكاية، مشيرة إلى أن كل المجوهرات والحلي التي يتم صنعها بالفضة تكون ثمينة بالنسبة إلى الأجيال المقبلة، حيث تنتقل من يد إلى يد ومن جيل إلى جيل وتعبر عن الشعور بالانتماء والتفرد.

وأضافت حكيمة، في تصريح لهسبريس، أنه بشكل دقيق وفني، تعمل الصانعات على ترجمة رغبات زبائنهم في حلي متنوعة للرجال والنساء؛ فيما تلجأ بعض الصانعات إلى عرض تصاميمها في دليل خاص وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وتستعين بالطرق الرقمية للتسويق والانتشار.

حسن بندريس، أستاذ باحث مهتم بمجال الصناعة التقليدية، أكد أن حرفة صناعة الفضة بالجنوب الشرقي للمغرب وإقليم تنغير على وجه الخصوص تعتبر واحدة من الفنون والحرف التقليدية التي تتميز بها المنطقة، مشيرا إلى أن المنطقة معروفة باحتضانها لأكبر منجم للفضة؛ وهو ما ساهم، منذ القدم، في توطين هذه الصناعة التقليدية بها.

وأوضح المتحدث ذاته أن مثل هذه التعاونيات يجب دعمها من طرف الدولة وحتى القطاع الخاص، مشيرا إلى ان التعاونية التي نتحدث عنها في هذا الروبورتاج توجد على بضعة كيلومترات من أكبر منجم للفضة وبالتالي من حقها أن تستفيد من المادة الأولية دون أن تقطع كيلومترات لشرائها في مراكش.

مدير المركز يقول

مصطفى البوخاري، مدير المركز الحرفي للصناعة التقليدية بجماعة إميضر، قال إن المركز التي تستغله التعاونية سالفة الذكر تم إحداثه بموجب اتفاقية شراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وشركة معادن إميضر وجماعة إميضر، بمبلغ يناهز 800 ألف درهم، من أجل تخصيصه لصياغة الفضة وصناعة المجوهرات والحلي.

ويندرج هذا المشروع، حسب تصريح البوخاري لجريدة هسبريس الإلكترونية، في إطار تثمين وتسويق المنتجات المحلية وتشجيع النساء لتطوير هذا القطاع في الصناعة التقليدية في جماعة إميضر، وإحياء هذا الموروث التاريخي والمحلي للمنطقة، مضيفا: “في الحقيقة، إن مجموعة من المنتوجات التقليدية بدأت تنقرض في وقت سابق؛ لكن بفضل مثل هذه المشاريع تتم إعادة تجديدها وإحيائها من جديد”.

وكشف المتحدث ذاته أن المركز كون ثلاثة عناصر من النساء لإنشاء مشاريعهم خارج المركز وخارج التعاونية في إطار مشاريع المقاول الذاتي؛ وذلك قصد تشجيع جل النساء للعمل وكسب رهان المساهمة في الاقتصاد المحلي وتوفير فرص الشغل لباقي النسوة المبتدئات.

وعن المادة الأولية، كشف مصطفى البوخاري أن منجم إميضر كان يزود تعاونية تسوريفت بالمادة الأولية المتمثلة بالمادة التي تشبه الفضة؛ لكن اليوم أصبحت التعاونية تقتني المادة الأولية من ميزانيتها الخاصة، مشيرا إلى أن هناك أرباحا تجنيها التعاونية بالرغم من كونها تقتني المادة الأولية، ملتمسا في الوقت نفسه من إدارة شركة معادن أميضر تزويد التعاونية بالمادة الأولية لتشجيع أكبر عدد من النساء على الالتحاق بالمركز التعاونية وبالتالي خلق فرص عمل قارة.

وأجمعت عدد من العاملات داخل التعاونية ذاتها على أن هذا المشروع فتح لهن آفاقا واعدة في سوق الشغل، ملتمسات من عامل إقليم تنغير، حسن الزيتوني، القيام بزيارة المركز والتعاونية من أجل إعطاء نفس جديدة ودفعة قوية لعملهن.

The post تسوريفت.. تعاونية تراهن على إدماج اقتصادي للقرويات في صناعة المجوهرات appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عن الكاتب

لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص أو العديد من النصوص الأخرى إضافة إلى زيادة عدد الحروف التى يولدها التطبيق، إذا كنت تحتاج إلى عدد أكبر من الفقرات يتيح لك مولد النص العربى زيادة عدد الفقرات كما تريد، النص لن يبدو مقسما ولا يحوي أخطاء لغوية، مولد النص العربى مفيد لمصممي المواقع على وجه الخصوص، حيث يحتاج العميل فى كثير من الأحيان أن يطلع على صورة حقيقية لتصميم الموقع.

إعلان