فقط في “الجزيرة” يعلن الحاكم، بناء على مشاورات شكلية مع مجلس الأمن القومي، الذي لا صلاحيات له، قطع علاقات مقطوعة مع “الدولة العريقة”، بدل الاستنجاد بها للخروج من الورطة التي وضع فيها شعبه، بعزله عن العالم، بل إن الأمر وصل إلى حد الانعزال عن العالم داخل زاوية مغلقة في انتظار “الخراب العظيم”.
في هذه البلاد، يقوم وزير الخارجية بإعلان الشروع في إعادة تقييم العلاقات مع بلد جار، ويأمر بإبعاد السفير، ثم يصدر رئيسه أمرا بقطع العلاقات، وقمة الجنون هي أن يعود نفس الوزير إلى استدعاء السفير من أجل المثول أمامه، وحسنا فعل سفير المملكة عندما تجاهل دعوة غير كريمة، من طرف يفترض فيه تمثيل الدبلوماسية، باعتبار اللقاء حتى لو حصل سيشكل “لا حدث”.
هذه “الجزيرة” الوحيدة في العالم التي تمد المملكة يدها إليها، وتشرح لها ما يقع في العالم، بلغات مختلفة، لكنها تفضل إغلاق الأبواب على نفسها، رغم أن البلاد تحترق من الداخل. هل هو مخطط لإحراق الشعب، من يدري؟ فهوس السلطة يتجاوز حدود الخيال، والتعنت يصل إلى درجة “الهوس”.
المسؤولون هنا يدعون بأنهم مع القضايا القومية، لكنهم لم يقدموا أي إضافة تذكر لهذه القضايا باستثناء البيانات الكاذبة، والشعارات الرنانة. إنها البلاد الوحيدة في العالم التي تطالب بتقرير المصير لشعب غير موجود، وتنصب له حاكما وهميا، وتستقبله بصفته رئيسا، وتزور له الأوراق الثبوتية، لتضمن له فرصة التنقل باستخدام المجال الجوي لدول أخرى دون القبض عليه.
إنهم يبكون على هزائم الماضي، ويسعون إلى الانتقام، ويلفقون التهم، ويزورون الحقائق باستعمال الإعلام لتدجين الشعب، لولا أن مواقع التواصل الاجتماعي فضحت كل شيء، فصارت اللعبة هي “لعبة اللعب بالنار”، بعد أن نجح البلد الشقيق في ترسيخ مكانته كدولة معترف بها من طرف أقوى دول العالم، بفضل حنكة وصرامة قائده المحب لشعبه.
في هذه “الجزيرة”، التي لا تستورد منها المملكة ولو مسمارا واحدا، يتم تنصيب رئيس شكلي لتنفيذ قرارات متخذة سلفا، من طرف مجموعة عسكرية مهيمنة، تخضع هي الأخرى لإملاءات “المجموعة المتحكمة”. ينفذون القرارات حتى لو تطلب الأمر جعل بلدهم أضحوكة أمام العالم.
إنهم يتخذون القرارات بشكل هزلي، وفجائي، ويسعون قدر الإمكان إلى تقليد المملكة، أو اتخاذ قرارات في الاتجاه المعاكس، وهو ما سيؤدي حتما إلى التعجيل بنهاية هذا النظام، الذي أصبحت توجه إليه تهمة التستر على الإرهابيين، والتعاون مع دول تسعى إلى تخريب شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وقد جاءت هذه الاتهامات، في بلاغ رسمي، من طرف الدولة، التي اتهمها المسؤولون الجزائريون، غير أنهم لم يتوقعوا أن يتم الرد عليهم بشكل مهين، وبتهم رسمية قد تجر “الجزيرة” إلى المساءلة الدولية.
أمام هذا الوضع، وأمام مسؤولين يواصلون عزل أنفسهم عن العالم، ويحاولون إحراق سفينتهم بما تحمله، سيصعب حتى على صناع السينما إيجاد دور لمسؤولين “انتحاريين” من هذا النوع، ما عدا إذا كانت عندهم الرغبة في التحول إلى “رسل للخراب” في المنطقة، والخراب سيبدأ حتما من هذه “الجزيرة” التي عزلت نفسها عن العالم.
The post الدولة "الجزيرة" appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق