لا جديد هناك في انتخابات الحسيمة بعد تواري أسماء “المفرج عنهم” عن اللوائح، فيما حملت أصوات جرادة “لائحة المعتقلين” إلى المجلس الجماعي للمدينة. هذه المفارقة التي جاءت بها الانتخابات الماضية، باستمرار انسحاب المفرج عنهم في الريف، ودخول الآخرين في جرادة.
وغير اسم واحد ترشح باسم حزب التجمع الوطني للأحرار، لم يتقدم أي معتقل سابق عن “حراك الريف” للانتخابات، رغم التواصلات التي كانت قائمة مع مختلف الهيئات السياسية طيلة فترة التحضير للاستحقاقات الماضية.
وفي المقابل تحدى معتقلو جرادة قرارات منع الترشح الصادرة عن وزارة الداخلية، بدعم لائحة حزب التقدم والاشتراكية، فنالت بفضل تعبئة سميت “التوجه العام” 27 مقعدا من أصل 30 بالمجلس المسير للمدينة الشرقية.
وتنتظر المناطق سالفة الذكر رهانات كثيرة، خصوصا على المستوى التنموي؛ فمازالت مشاكل اجتماعية متراكمة منذ فترة بعيدة مخيمة على جرادة والريف، والبداية من البطالة واستمرار اعتماد السكان على “ساندريات الفحم” وتحويلات المهاجرين.
سياقات غير مناسبة
عبد الله الغلبزوي، الباحث المتتبع لدينامية حراك الريف، اعتبر في تصريح لهسبريس أن “المنطقة تشهد عند كل انتخابات نقاشات بين قطبي المقاطعة والمشاركة، وفي النهاية ينتصر خيار من الاختيارين، غير أن المتغير الجديد في هذه الانتخابات أنها جاءت بعد الحراك”.
واعتبر الغلبزوي أن “الدولة استخدمت كل إمكاناتها المادية والأمنية والإعلامية لقمع الحراك، فقتل عماد العتابي، وتعرض المئات لعنف مادي، وتعرضت كل الساكنة لعنف رمزي متمثل في السب والشتم و’الحݣرة’ من طرف العناصر الأمنية؛ ناهيك عن اعتقال المئات وتوزيعهم على سجون المملكة مباشرة بعد بيان الأغلبية الحكومية الذي اتهم حراك الريف بالانفصال، الأمر الذي أدى إلى معاناة مادية ونفسية حقيقية لأسر المعتقلين”، وفق تعبيره.
وأشار المتحدث ذاته إلى أنه “رغم كل هذه المعاناة لم تعترف أي مؤسسة بوجود تجاوزات أمنية، ولم تتحرك لتلطليف الأجواء عبر إغلاق ملف الاعتقال السياسي، كما أن الأحزاب التي يفترض فيها الدفاع عن المواطنين دخلت هي الأخرى في متاهات تبرير التجاوزات، إلى حد منح شرعية سياسية للمقاربة الأمنية”.
وهذا هو السياق، وفق الغلبزوي، الذي جعل أبرز الوجوه الحراكية المفرج عنها تختار عدم الترشح في الانتخابات الحالية؛ “أي فقدان الثقة في المؤسسات وكذلك في الأحزاب، مع أن كثيرا من المعتقلين يحظون بتقدير شعبي كان ليمكنهم من الفوز في الانتخابات المحلية، لو أنها جرت في ظروف أخرى”، على حد قوله.
وأردف الباحث ذاته بأن “ساكنة المنطقة كانت ضد ترشح المعتقلين المفرج عنهم، لأن شروط مشاركتهم لم تنضج بعد، ولن تكون إلا وفق أرضية مشتركة وبعد الإفراج عن آخر معتقل سياسي من معتقلي حراك الريف”.
مجلس جماعي بأغلبية
مصطفى ادعينن، المعتقل السابق على ذمة حراك جرادة، قال إن وزارة الداخلية رفضت ترشح المعتقلين باستثناء واحد فقط، فشل في الحصول على مقعد عن حزب الأصالة والمعاصرة.
وأضاف ادعينن، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “فكرة المعتقلين بعد مستجد الرفض كانت دعم لائحة التقدم والاشتراكية، لأسباب عديدة، وقد حصلت على 27 مقعدا جماعيا من أصل 30”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن حزب “الكتاب” منح المعتقلين حق اختيار من يرونهم مناسبين لتولي المسؤوليات بمعية السكان، مؤكدا أن “الشعار الرئيسي للحملة الانتخابية كان القطع مع المفسدين ومبذري المال العمومي”.
وأردف ادعينن بأن “المعتقلين تلقوا عروضا للترشح من لدن 7 أحزاب، لكنهم اختاروا في النهاية التقدم والاشتراكية، بسبب تجديد فرع جرادة، والسلاسة التي تعامل بها في معطى منح التزكيات للأعضاء”.
وعن الطموحات المستقبلية قال ادعنين إن المجالس مطالبة بإيجاد بدائل للتشغيل وعدم الاكتفاء بتعاونيات ساندريات الفحم لوحدها، مؤكدا أن الخطوة الأولى هي القطع مع أيادي الفساد في المنطقة.
The post "معتقلو سابقون" يدبرون جرادة.. ونشطاء الريف يشترطون حرية "رفاق الزفزافي" appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق