المعارك على أراضي أوكرانيا تكشف الصراع الكبير بين الغرب وروسيا

تشدد الدول الغربية على رغبتها في إنهاء الحرب في أوكرانيا، وهو أمر لا يتجسّد على أرض الواقع بينما يطرح حجم المساعدات العسكرية المقدّمة لكييف والعقوبات المفروضة على موسكو سؤالًا مفاده: هل هي حرب بالوكالة بين الغرب وروسيا؟.

تبدو المواجهة المباشرة حتى الآن مستبعدة من قبل الجميع: فلا أحد يتمنى أن تتواجه قوى نووية. ويسعى الغربيون إلى تجنّب أي خطوة قد تجعلهم أطرافًا في النزاع في نظر روسيا.

إلا أن المحللين الذين تحدثت معهم وكالة فرانس برس، من موسكو إلى واشنطن مرورًا ببكين، يتوافقون على أن انخراط الأميركيين وبعض الأوروبيين بدرجة أقلّ يجعلهم لاعبين رئيسيين.

يتحدث الباحث في جامعة تارتو الاستونية إيفان كويشتش عن صراع في التصوّرات، ويشرح لوكالة فرانس برس أن “الأوكرانيين لا يقاتلون سوى من أجل أنفسهم، هم ليسوا وكلاء أي جهة”، معتبرًا أن كييف تقرر إيقاع النزاع من خلال مقاومة شرسة.

ويضيف المتحدث: “بالنسبة إلى روسيا، إنها حرب بالوكالة ضد الغرب: فالأوكرانيون شريرون ويتصرّفون بناء على أوامر الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي”، ويرى أن الأميركيين يريدون “ليس فقط أن تخسر موسكو، وإنما أيضًا ألا تتمكن (روسيا) أبدًا من شنّ مثل هذه الحرب”.

في الواقع، تتحدث روسيا عن عدوان غربي بالوكالة. ويؤكد ألكسندر خرامتشيخين، من معهد التحليل السياسي والعسكري في موسكو، لوكالة فرانس برس، أن ذلك “أمر واضح”، مشيرًا إلى أن “الغرب يطيل أمد هذه الحرب إلى الحدّ الأقصى عبر تسليمه أسلحة (لأوكرانيا)”، وزاد: “بتنا نتحدث عن سنوات الآن”.

أواخر أبريل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “في حال (انخرط) حلف شمال الأطلسي في نهاية المطاف في حرب بالوكالة ضد روسيا (…) فإن الحرب إذن هي حرب”.

“غير معلنة”

قال الأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروتشيف، الثلاثاء، إن “الحملة المناهضة للروس التي يقوم بها الأميركيون والدول التابعة لهم تُظهر بشكل مقنع أن أوكرانيا أصبحت ذريعةً لشنّ حرب غير معلنة على روسيا”.

كل المصطلحات المستخدمة من جانب الدول مهمّة، إذ إن الولايات المتحدة تؤكد باستمرار دعمها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعد أن استبعدت قبل اندلاع الحرب فرضية الدخول رسميًا في النزاع.

ويجري الحديث بشكل علني عن تسليم أسلحة وتقديم أموال إلى كييف. وأكدت مصادر في أجهزة الاستخبارات لوسائل إعلام أميركية أنها ساعدت كييف في استهداف جنرالات روس وضرب سفن في البحر الأسود.

ويشير المدير الأكاديمي لمؤسسة البحر المتوسط للدراسات الإستراتيجية بيار رازو إلى أن الحرب في أوكرانيا سمحت للأجهزة الأميركية بإثبات قدراتها، ويوضح لفرانس برس أنه “خلال 48 ساعة، زالت كافة أخطائها الإستراتيجية المرتكبة في السنوات العشرين الأخيرة، من اعتداءات 11 سبتمبر وحتى انتصار طالبان والانسحاب الفوضوي من أفغانستان عام 2021”.

وتقدّم الحرب أيضًا فرصة للمتشددين في واشنطن الذين يريدون إضعاف السلطة الروسية. ويقول بيار رازو: “هناك فرق بين ضمان ألا يتمكن الكرملين من الفوز وجعله يخسر بأي ثمن؛ ومنطق الأميركيين هو جعله يخسر مهما كلّف الأمر”.

“ناتو” منقسم

يؤكد إيفان كويشتش هذه الأهداف المتشددة، التي تعززت بعد حرب روسيا على جورجيا عام 2008، ثمّ ضمّ موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014، ويقول إن جزءًا من النخبة الأميركية الحاكمة يريد “إذلال روسيا” و”صفعها على وجهها”.

غير أن الاتحاد الأوروبي يبدو أكثر تحفّظًا، كما أنه منقسم؛ فقد أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا إلى أن السلام سيُبنى أيضًا مع روسيا، وزاد أن ذلك “لن يحصل من خلال رفض أو استبعاد بعضنا بعضًا، ولا حتى بالإذلال”.

ولا تتحدث الدول الغربية بصوت واحد. ويوضح إيفان كويشتش أن “ذلك يطرح أسئلة بشأن وحدة دول حلف الناتو عندما سنقترب من شكل من أشكال نهاية النزاع”.

لدى الولايات المتحدة بوضوح الطموحات الأكثر تطرّفًا. وكتبت صحيفة “غلوبل تايمز” في بكين أن واشنطن تريد إطالة أمد النزاع “لاستخلاص قيمة جيوسياسية منه”. واتّهمت الصحيفة الصينية القومية الأميركيين “باستغلال الفوضى”.

ويعتبر كولين كلارك، مدير الأبحاث في مركز صوفان ومقرّه نيويورك، أن واشنطن في صلب النزاع، ويقول إن الغربيين يسلّمون كييف أسلحة بدون توقف، فيما يثير الأوكرانيون “إعجابا كبيرا بكفاءتهم، ما يشير إلى التدريب والتعاون المستمرّ منذ سنوات”.

لكنّ المتحدث يؤكد أنه من الجيّد الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لم تبدأ هذه الحرب، ويقول: “في الأغلب، تساعد دول الناتو والولايات المتحدة دولة أوروبية صديقة وحليفة في الدفاع عن وحدة أراضيها”.

The post المعارك على أراضي أوكرانيا تكشف الصراع الكبير بين الغرب وروسيا appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عن الكاتب

لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص أو العديد من النصوص الأخرى إضافة إلى زيادة عدد الحروف التى يولدها التطبيق، إذا كنت تحتاج إلى عدد أكبر من الفقرات يتيح لك مولد النص العربى زيادة عدد الفقرات كما تريد، النص لن يبدو مقسما ولا يحوي أخطاء لغوية، مولد النص العربى مفيد لمصممي المواقع على وجه الخصوص، حيث يحتاج العميل فى كثير من الأحيان أن يطلع على صورة حقيقية لتصميم الموقع.

إعلان