تقديم:
“لهذا، وفي إطار البحث عن الشرعية في الإسلام، فإن الدولة (المغاربية) لا تسعى إلى تحويل الحداثة إلى المحافظة؛ بل تطمح إلى تحقيق عملية نقل: تريد أن تغطي هذه الشرعية المحتوى الحداثي، الذي ينغرس فيه أساس سلطتها.
إن التعريب، في هذا المستوى، يعني ما يلي: أن يجعل الإسلام يعترف بما ليس هو… أن يقال باللغة العربية ما أنتجته اللاعربية”.
Gilbert Grandguillaume: Arabisation et politique linguistique au Maghreb p :140
Maisonneuve et larose.1983
Paris
زمن الأخطاء:
يرتد هذا الزمن إلى مستهل السنة الدراسية 1957-1958؛ حينما قرر المرحوم محمد الفاسي -دون سابق إعداد- الشروع في تعريب التعليم الأولي. ولعل الفشل الذي منيت به هذه المحاولة أصبح بمثابة الخطيئة الأصلية التي ستلازم كل خطوات الدولة المغربية -الحديثة العهد بالاستقلال- في هذا الاتجاه:
في يونيو 1958 انعقد أول مجلس أعلى للتعليم، وقد اشتغل أساسا على بحث سبل إدراج تعريب التعليم ضمن المخطط الخماسي. شكلت قرارات المجلس مستندا لاستقدام أساتذة مصريين وسوريين لدعم جهود التعريب المتسرع.
في سنة 1959 ستتم بلورة المبادئ الأربعة للسياسة التربوية: التوحيد، التعريب، التعميم، المغربة.
بعد انعقاد المؤتمر الأول للتعريب بالرباط، في أبريل 1961، وهي السنة التي تأسس فيها “المكتب الدائم لتنسيق التعريب” انعقد ثاني مجلس أعلى للتعليم، في 18 أكتوبر 1962، وقد ترأسه المرحوم الحسن الثاني.
اشتغل هذا المجلس على مشروع وزارة التربية الوطنية الذي استقر على التعريب التدريجي؛ وانتهى إلى التأكيد على مطلب جعل لغة التعليم بالمدرسة المغربية -بالنسبة لجميع المواد- هي اللغة العربية.
سيتواصل تأثير الخطيئة الأصلية فتختلف الرؤى بخصوص تفعيل مطلب التعريب الشامل: التعريب الأفقي (مستوى بعد مستوى) كما كان يرى وزير التربية الوطنية يوسف بلعباس؛ أم التعريب العمودي (مادة بعد مادة) وهو رأي مساعده أحمد الأخضر غزال. حسم الخلاف لصالح الوزير، فانطلق مسلسل التعريب الأفقي. ويسجل هنا تردد الوزير في التخلص من الستة آلاف 6000 مدرس مغربي معرب الذين وظفتهم الوزارة، باستعجال، لتحقيق التعريب -دون أن يحقق هذا العدد الكفاية- واستقدام مدرسين فرنسيين.
ما بين 13 و14 أبريل 1964 جرت بغابة المعمورة أشغال منتدى واسع حول التعليم، ترأسه الراحل الحسن الثاني الذي دفع، ما وسعه الأمر، صوب اعتماد لازدواجية في التعليم، اعتبارا لمقتضيات الحداثة، ومحيط المغرب الإفريقي الناطق بالفرنسية والإنجليزية. شكل الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد الوطني لطلبة المغرب -وقد هيمنا على الملتقى، معارضين لهذ الرأي- العقبة الكأداء؛ إذ تمسكا بمطلب التعريب الشامل، مفسرين تدني مستوى التعليم بهذه الازدواجية بالذات.
“انتهى المنتدى، في الختام، إلى التصويت على خيار التعريب الشامل للابتدائي، على مدى ثلاث سنوات؛ وللثانوي على مدى سبع سنوات”. (غروندغيوم ص: 73)
ورغم أن تسييس التعريب -بعيدا عن المتطلبات الحقيقية للتنمية الحداثية الشاملة للمغرب المستقل- بدا واضحا منذ وزارة محمد الفاسي، تفعيلا لما اشتغلت عليه الحركة الوطنية في مواجهة المدرسة الكولونيالية؛ خصوصا حينما اتخذت اسم ومحتوى المدرسة الفرنسية البربرية. وخدمة أيضا لأغراض حزبية اختطها الحزب المهيمن، وقتها، لامتلاك الدولة، التي رآها له وليس لغيره.
رغم هذا يشكل ملتقى المعمورة مرحلة حاسمة في دخول النظام التربوي المغربي، ومخطط التعريب، بصفة خاصة، معترك السياسة السياسوية؛ ولا يزال جريحا بين سنابك خيوله، وأسنته، إلى اليوم، لا هو يموت ولا هو يحي.
ستبلغ الأزمة التعليمية ذروتها سنة 1965، مع بداية وزارة الدكتور بنهيمة؛ وهي أزمة بنيوية شاملة مهما حاولت الحزبية إظهارها على أنها مرتبطة بهذا الوزير، وبفلول السياسة الاستعمارية. لم تستطع مصالح الوزارة تحمل تبعات التعميم، بنفس البنيات السابقة؛ كما أن رقم مليون تلميذ في الابتدائي، في نفس السنة، في مقابل مائة وثلاثين ألفا في الثانوي، لم يكن عاديا إطلاقا. يضاف إلى هذا تدن كبير في مستوى التعليم.
وحتى حينما لجأ الوزير إلى تقنين الولوج إلى الثانوي، من خلال مذكرته الشهيرة، لم يعمل إلا على فتح باب تسييس التعليم على مصراعيه؛ وصولا إلى “الربيع البيضاوي” الدموي سنة 1965. متى تبتدئ السياسة التربوية، ومتى تنتهي السياسة السياسوية؟ لم يعد أحد يعرف.
في ندوته الصحفية بتاريخ 6 أبريل 1966سيعمد بنهيمة إلى قلب الطاولة التعليمية رأسا على عقب. لقد أعاد طرح سؤال التعريب، ومنهجيته المتسرعة التي شكلت وبالا على المستوى التلاميذي. ولم يسلم مبدأ المغربة من انتقاد الوزير، لنفس التهمة.
وحينما “تطاول” على مبدأ التعميم، توفرت كل الشروط للفاعلين السياسيين ليعتبروا أن ميدان التعليم هو الحقل الخصب لممارسة السياسة السياسوية، بإطلاق. لقد تأذى تعليمنا كثيرا بهذه القناعة التي لا تزال فاعلة إلى اليوم.
من الأهمية بمكان تسجيل تصريح الأستاذ محمد الفاسي عميد جامعة محمد الخامس -وهو ينتخب في نفس تاريخ الندوة الانقلابية- رئيسا لمنتدى الجامعات المعتمدة، كليات أو جزئيا للغة الفرنسية، المنعقد بمدينة “لياج” الفرنسية. يقول: “لا تزال أمام اللغة العربية سنوات طويلة لتصبح لغة التواصل الدولي”.
صمم الدكتور بنهيمة على التراجع عن تعريب المواد العلمية، كما ربط تطبيق التعميم بالابتدائي، بتقنين الولوج إلى الثانوي.
لتهدئة الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي تسببت فيه السياسة التعليمة التي كلف هذا الوزير بتنفيذها، عمد النظام الى إجراء استشارات حزبية أفضت إلى تأجيل تنفيذ هذه السياسة إلى الدخول المدرسي لسنة 1967.
في 12 ماي1967 عوض الدكتور بنهيمة بالأستاذ عبد الهادي بوطالب، ذي التكوين العربي الصرف.
ما بين 11 و15 مارس 1970 -على خلفية من الإضرابات الطلابية الواسعة- انعقد بإيفران ملتقى/مناظرة وطني واسع لإصلاح التعليم، وتقديم مقترحات في ما يخص مبادئ: المغربة، التعريب، والتعميم. بفعل الجو الطلابي المشحون، وحدة الخلافات، وهي سياسية بالدرجة الأولى، داخل الملتقى، تم اختزال نتائجه في بعض الإجراءات المستعجلة: الزيادة في المنح، توفير قاعات الدراسة. ظلت الازدواجية اللغوية هي المعتمدة، رغم مطالبة الآباء في الملتقى بتطبيق توصيات ملتقى 1964 في موضوع التعريب؛ وقد تعززت هذه المطالبة -بعد شهرين- بعريضة موقعة من طرف خمسمائة عالم ورجل فكر ومثقف، تناهض بقوة الازدواج اللغوي.
إن نظامنا التعليمي اليوم، وبعد مرور عشرات السنين، على كل هذه الأحداث التي لم تكن إلا لماما ذات جوهر تربوي أكاديمي، لم يحسم بعد في مسألة التعريب، رغم الانتهاء من التعريب الكامل للتعليمين الإعدادي والتأهيلي، منذ سنين.
أقول هذا وأنا أستحضر وضع طلبتنا في التعليم العمومي المغربي، وهم يلجون تعليما جامعيا يلزمهم بعقد ديداكتيكي علمي مفارق: أهلا بكم لتواصلوا تحصيلكم المعرفي العلمي لكن باللغة الفرنسية. سيان بينكم وبين هؤلاء القادمين من مؤسسات البعثات الأجنبية بالمغرب. لعلها داروينية تربوية/سياسية: البقاء فيها للأصلح.
(تعمدت في هذا الجزء من الموضوع- حصريا في ما يخص كرونولوجيا التعريب،وليس التحليل-الاقتصار على استثمار البحث الأجنبي المذكور ،لموضوعيته ؛حتى أتفادى دراسات تعليمية وطنية ظلت وفية لتحكيم السياسة السياسوية في تحليل النظام التربوي).
حتى لا تتكرر هذه الأخطاء في التمزيغ:
1. ربط التعريب بهوية الدولة، وليس بمتطلبات معرفية أكاديمية:
غداة الاستقلال أصبحنا على مغرب تعليمي لم تتهيأ بعد البنية الأكاديمية الوطنية لتقييمه معرفيا، وبناء سياسة وطنية بخصوصه؛ بأساس علمي متين وغايات وأهداف معرفية وتنموية واضحة. تم تعويض الاشتغال على مفارقة الاستعمار بالاشتغال على مقاربة الهوية. مجال لم تكن الحركة الوطنية، ولا النظام مستعدين للتخلي عنه -على الأقل ما يخص جانبه التربوي النظامي- للأكاديميين.
كل كلام عن الاحتفاظ بنفس البنية التربوية الفرنسية التي تأسست على مدى عشرات السنين؛ إلى حين اكتمال بناء الأفضل، كان يعد خيانة.
تهافت السياسي على بضاعة التعريب، بائعا لها في سوق السلطة والانتخابات الموصلة إليها. لا أحد قال، في زمن الأخطاء هذا، بأن التعليم شأن سيادي يجب أن يتطهر من السياسة السياسوية التي اغتالت تدريجيا الحياة في شرايين نظامنا التربوي؛ وجعلت منه المريض الدائم رغم حملات توفير الدواء. لو تكرست السيادية في هذا الفجر لسارت نهجا قويما.
رغم أن الدكتور بنهيمة لم يعمل سوى على تدارك الخطيئة الأصلية وبطلها -من شدة وطنيته- محمد الفاسي فإن الشيطنة بل اللعنة لا تتوجه إلا إليه. وحتى حينما تراجع في تصريح “لياج” عن ثقته بمستقبل عاجل للغة العربية لم يحاسبه أحد؛ لأن الحزب العتيد كان يجيد كثيرا توزيع التهم والأدوار.
تعود بي الذاكرة إلى الهجمة الشرسة التي شنها الأستاذ الاستقلالي عبد الرحمن احجيرة على الدكتور بنهيمة؛ وكم اعتُبر بطلا، وببطولة لا تزول من الذاكرة الوجدية. خِلت أن الرجل -بكل دفاعه عن التعريب- سيخرج أبناء من أمراء البيان “مثلي” أنا الذي نفذ فِيَ الوالد استقلاليته، بكل تطرف.
الواقع اليوم شيء مختلف تماما: أبناء بتكوين علمي فرنسي لحما وعظما ونخاعا. هذا ما تفعله السياسة السياسوية حينما تشتغل تربويا.
2. تقديم الشكل على المضمون: في كل محطات التعريب لم تطرح الأسئلة المركزية، التي كان طرحها سيؤدي إلى إيقاف التهافت السياسي على الشأن التعليمي:
ماذا نعرب؟ الجاهز من المعرفة العلمية الفرنسية، أم ننتظر إنتاج المعرفة العلمية الوطنية؟ لماذا نستبدل حرفا بحرف لنقَوِّل اللغة العربية ما لم تقله؟
لماذا نهدم السياسة التعليمية الفرنسية في المغرب -على علاتها- لنعيد تشكيلها، هي ذاتها، لكن بعجالة مغرضة. ما كان في متناول جميع التلاميذ، في الحاضرة كما في البادية، بات -بدهاء كبير- من نصيب القلة.
3. قيادة النضال التعريبي الهوياتي -بكل الضجيج الممكن- وإهمال تكوين القيادات التربوية، في اتجاه جعلها الرافعة الحقيقية للنظام التربوي. استقدام مدرسين عرب من المشرق لبناء عقول في المغرب. سيعتبر بعض الباحثين، لاحقا، أن هذا شكل أول بذر للفكر القومي العربي في المغرب. حمل سياسيونا المعاول وهدموا الصرح القائم، دون أن يكون بوسعهم إعادة البناء معتمدين على إمكانياتهم فقط.
ويكرر التمزيغ الرسمي نفس الأخطاء:
1. بتأسيسه -ضد ا حتى على قانون الأحزاب- على السياسة السياسوية، وليس على نضج الخطاب الثقافي الوطني، وصولا إلى الإنصاف الذاتي لجميع مكوناته ومشاربه.
إن هذا النضج -إذا توفرت كل شروطه- يفضل بكثير القرار السياسي الدولتي الملزم. إنصاف جماعي لا يقصي جهة ما لتشعر بأنها مهددة؛ ولا يفسح مجالا للاحتقان الملاحظ حاليا.
لقد أدت التوازنات السياسية للدولة إلى تشجيع تأسيس حزب الحركة الشعبية للوقوف في وجه الطموح الكبير لحزب الاستقلال. ولم يخف زعيمه التاريخي المحجوبي أحرضان نضاله من أجل الثقافة الأمازيغية أبدا، حتى وهو يساند سياسة التعريب.
في الاستشارات التي أعقبت انقلاب بنهيمة على التعريب انفردت الحركة الشعبية بطرح مطلب تدريس الأمازيغية كما عززت الرأي الملكي القاضي بالازدواجية. وتتضمن الكثير من قرارات الحزب دفاعا سياسيا واضحا لصالح الأمازيغية.
هكذا أرادت الظروف أن يُفرض على الأمازيغية الاشتغال السياسي. وإلى اليوم تظل أفضل قراءة لكتابات نشطائها وتصريحاتهم، هي القراءة السياسية. ومن هنا “الهوس الهوياتي” الذي تحدث عنه حسن أريد، ورأى فيه الأستاذ عصيد عدم إنصاف لـ”ذوي القربى”.
فيض التعليقات، وأنا أثمنها كلها -لي وعلي- أغلبها لا يشتغل إلا سياسيا؛ وهذا ما يجعلني أربط بين بذور الفشل التي لازمت التعريب، ومثيلتها التي بدأت تنزرع في التمزيغ.
أين أصحاب الشأن، من الأكاديميين والمثقفين ليرشدوا ويزيلوا غبَش السياسة؛ على مستوى القرار الرسمي والمواطنين، على السواء.
لماذا تزايد كل الأحزاب -يمينا ويسارا ووسطا- في هذا الشأن الثقافي الصرف؛ إلى درجة تغييب بقية الفاعلين الذين لا تهمهم الانتخابات، بل يهمهم عدم ارتكاب نفس الأخطاء، بسلوك مسلك الاستعجال والتهافت؟
2. الاشتغال على الشكل أكثر من المضمون: آرائي في هذا الجانب معروفة ولا داعي لتكرارها.
لم يختلف اثنان على حبكة وحسن الحكاية الأمازيغية الزكراوية، التي أوردت في مقال قديم؛ بل ورد رأي لقارئة أمازيغية من الجزائر، تتعجب كيف فهمت هي نسبة 80 في المائة منها؛ في الوقت الذي عبر مغاربة على أن الحرف العربي -وقد ترجمتها به- أخرسها تماما.
المهم هذا محتوى أدبي قصصي؛ لا ينقص من جدواه وجماليته الحرف الذي يكتب به؛ ولولا السياسة السياسوية لانصرف النقاش إلى مضمونه التراثي الأمازيغي المفارق للمألوف؛ ومحاولة تقديم تفسيرات مقارنة له؛ وليس “مناقشة” شكله إلى درجة النيل حتى من شخص الكاتب، وكأنه صانع قوالب الحرف العربي، بعد أن أذاب رصاص الحرف الأمازيغي.
ويلحق بهذا -مما يقلق بقية المواطنين- إقحام تامزغا الكبرى في كل نقاش، وحمل شارات وراية توحي للناس بأن كل الطمأنينة والاستقرار المجتمعي باتا مهددين.
شخصيا لو خُيرت بين روايتين إحداهما عربية فاشلة، وأخرى أمازيغية ناجحة، وبحرف تيفناغ، لاخترت الأمازيغية، انحيازا إلى الجودة. تصوروا معي كيف سيتعامل المواطنون -مثلا- مع كتاب طبي أمازيغي يقدم فتحا في مجال علاج السرطان، أو التهاب الكبد الفيروسي، أو مرض السكري؛ أو حتى كوفيد وبناتها؟
رجاء ليرقى النقاش إلى الوظيفية، إلى المعنى، إلى القيمة العلمية المضافة. إن كانت الدولة ستعطل الكثير من الخدمات المواطنية، وتخصص أموالها لسياسة لغوية وثقافية جديدة، فليكن من أجل المكسب الوطني الحقيقي، وليس الوهمي.
عربنا المضمون العلمي الفرنسي، وأرحنا العقل المغربي من إنتاج معرفة علمية وطنية؛ فهل ترضون أن يتكرر نفس التكريس للكسل، ونحن نعيد نقاش الهوية ونقاش الشكل؟
3. إن إرساء بنية تربوية -وأتحدث هنا في اختصاصي- مؤهلة لاستيعاب مكون الأمازيغية، يتطلب أن تكون جميع مكونات هذه البنية سليمة، بمخرجات تحقق غايات النظام التربوي؛ وخصوصا فعاليته ووظيفيته في تحقيق التنمية الشاملة.
إن قطعة الغيار الجديدة في المحرك المهترئ لا تقدم ولا تؤخر، وسرعان ما تنتهي إلى وضعية أخواتها.
لم نبرح بعد مستوى تجريب الإصلاحات، بعضها يمسك بتلابيب البعض دون أن يمسك بالنجاعة. تعاني جميع وحداتنا التعليمية من قصور –بما في ذلك اللغات- ليتشكل قصور عام لا يخفى على أحد؛ بما في ذلك المنظمات الدولية المختصة.
إن استيعاب مكون الأمازيغية ضمن بنية هذه حالتها، سيكون ضارا بها، وبغيرها -خلافا لما ذهب إليه البعض من خدمة الأمازيغية للعربية- على المدى المتوسط والبعيد.
هذا ما يفسر التعثر الحالي، خصوصا في الأكاديميات التي لا يحضر فيها الهاجس الأمازيغي. لقد سبق أن استشارني، في سنوات الخدمة، مدير أكاديمية تطوان وقتها، معبرا عن حيرته في تفسير الفشل والعزوف رغم حرص مصالحه على إنجاح التجربة الأمازيغية.
ليس في قرارة نفسي ما يكفي من الخبث، لأدفع في اتجاه التسرع في تبني مكون الأمازيغية لقتلها ديداكتيكيا، والتخلص منها. لقد مورس مثل هذا بخصوص التعريب ولا أريد له أن يتكرر.
فوضوا الأمر للأكاديميين؛ فليس للسياسوي ما يخسره حتى في حالة الفشل؛ وهو بطبعه لا يخجل.
The post التمزيغ وزمن أخطاء التعريب appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق