"فيسبوك" كغيره لن يكون واقعك!

# أولا “الفيس” صمم للتواصل وليس للبكاء والشكوى

لأن “الفيس” وسيلة للتعارف وجمع معلومات، ومشاهدة جديد العالم، فهو لم يصمم ليتحول لوسيلة نشر ثقافة الموت، الوباء، المعاناة، والمشاكل الشخصية، فـ”الفيس” ليس وسيلة نشر للمآسي بشكل دائم، وتفريغ الكبت الجنسي أو القمع الفكري للخصوم، وهو ليس وسيلة للهروب من الواقع، واستعماله كوسيلة تفريغ دائمة لمكبوتات لا شعورك الطاعنة في عقلك الباطن.

“الفيس” ليس موسما للتذمر والغضب الحانق، واستعراض الفرحة المزيفة الدائمة، أو السعادة المصطنعة بالأكل، والخروج بلباس جميل في منطقة جميلة، لاستعراض سعادة شخصية تحس لا تعاش وتميع بإظهار أكثر تفاصيلها جمالا، “الفيس” ليس ماخورا لاستعراض الثدي والمؤخرة أو العضلات المفتولة، للبحث عن عائل أو ضحية يعاني حرمانا جنسيا.

“فيسبوك” ليس وسيلة تكسب، والبحث عن “ميمة”، أو “فيزا وباسبور”، أو شاب جانح، “الفيس” ليس ورق تواليت تمسح به الاضطرابات والأمراض نفسية للمجتمع، يرمي فيها بقاياه التي تزكم صدره وأنفه، كما أن “الفيس” لم يجلب ثورة حقيقية يوما، هذا إذا كان شعب “الفيس” فعلا قادرا حتى على تغيير نفسه، وإن جلبها يوما فقد سيجلبها بدون خطة، ولا نسق واضح، وستأتي فقط بسبب غيابه عن واقعه، وستأتي بسبب الجوع والفاقة، وبالتالي ليس لها منهاج أو برامج قابلة لتحقيق.

“الفيس” ليس وسيلة صحية للبؤساء الذين يتظاهرون فيه بالمثالية في الواقع لتلميع صورة لا يرونها حتى في مرآة أحلامهم، فنسج قصص البطولة ليس من البطولة في شيء، وإظهار الأخلاق الزائفة ليس من الأخلاق في شيء، فـ”الفيس” ليس منهاجا عمليا للذين ينافقون الكل من أجل أن تحظى أنفسهم بالاعتراف والاحترام الاجتماعي المفقود في الواقع، فمن يأتي لـ”فيسبوك” ليمارس كل ما يأمله ويفتقده، ولو بإشباع شبق ما يعاني منه بحساب مزيف، سيبقى في حلقة مفرغة قد تعطيه الحرية المفتقدة، لكن لن تشبع نزقه، ولن تنقذ كبته من النيل منه، لكن الأدهى والأشد إضحاكا أن يتخذ “الفيس” كوسيلة الانتقام من مجتمع ينتمي إلى أقليته، ولا يتفق معه إلا في الواقع مجبرا، فتجده في وسائل التواصل أكثر الناس عداوة، وأشدهم تضييعا لوقتهم في شتم مجتمع لم يتركوه، ولم ينسون حتى في خلواتهم التواصلية.

“الفيس” وسيلة تواصل، وليس وسيلة انتقام اجتماعية، وليس وسيلة حرب إعلامية حقيقية، وليس مرآة لتلميع صورة شخصية باهتة، بدعوى القرب من نبض الشارع وهمومه، “فيسبوك” ليس زحمة أو مكياج لتلميع مدعي المواهب فنية الخافتة التي لا تظهر إلا لصاحبها ومنافيقه، أو المستفيدين منه، “الفيس” وسيلة لإلهائك عن واقعك، فلا تجعل واقعك الحقيقي هو “الفيس”، أما في الواقع فأنت نسخة طبق الأصل لكائن يطيع خوفا، ويعمل كبهيمة، ويطبق كل ما يطلب منه مجبورا بسبب لقمة العيش المذلة.

لكن مصيبتنا أن أكثر الناس يأتون لـ”فيسبوك” للعب دور البطولة، أو دور الضحية، المزعومة والمختلقة بسبب مشاكل الأنا والآخر التي يحتويها “فيس”، ووسائل التواصل الأخرى، بينما في الواقع تجد أغلب الضحايا راضين ومساندين، وأغلب الأبطال مجرد خانعين، ووصوليين، مطيعين لكل ما يقع لهم، غير عابئين لما يقع لغيرهم، ذلك أن “الفيس” أصبح وطنا مزيفا لهم، يعيشون فيه شخصياتهم المقطوعة وصالها في الواقع، والمقموعة ذاتها فيهم، تلك الشخصيات التي لا يعرفونها عن أنفسهم، ولا يعرفها عنهم الناس، فواجهوا الواقع خارج الفيس، كما أنتم في “فيسبوك” إن كنتم صادقين، أو كما تتمنون أنفسكم من خلال المحاولة ليس إلا، فلعل واقعنا يوما سيشبه أكاذيب ومعلقات، ومنشورات، وصور، وثوريات، واحتفالات، وعلاقات، ومحبات، وإبداعات، بطولات، “فيس”، وغيره من وسائل الكيس، والهيس والغيس!

The post "فيسبوك" كغيره لن يكون واقعك! appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عن الكاتب

لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص أو العديد من النصوص الأخرى إضافة إلى زيادة عدد الحروف التى يولدها التطبيق، إذا كنت تحتاج إلى عدد أكبر من الفقرات يتيح لك مولد النص العربى زيادة عدد الفقرات كما تريد، النص لن يبدو مقسما ولا يحوي أخطاء لغوية، مولد النص العربى مفيد لمصممي المواقع على وجه الخصوص، حيث يحتاج العميل فى كثير من الأحيان أن يطلع على صورة حقيقية لتصميم الموقع.

إعلان